2010-06-17

| استَعدتُ .. للحظات !





أحسستُ بجسدي كقطعةٍ صوفيّةٍ مشدودةٍ في بردٍ قارِس، و عضلاتُ التنّفسِ شدّت
على صدري فأطبقَتهُ ثمّ ارتَخـت حيثُ جعلت فُسحةً كافيّة للتنفّس.. 

رفَعتُ سمـاعةَ الهاتِف وجعلتُها موزايةً لرأسي لا لفمي، و أطلقتُ كل الانفاسِ المكبوتة؛ ثمّ حبستها مرّةٌ أخرى
و قُلتُ: شُـكراً! ملتزِمةً بنطقِ كل حرفٍ من مخرجهِ الصحيح لكي تبدو الدلالة بأني أريدُ قولَ الكثير
 لكن لا يمكنني إلا قولُ القليل !

لم أعد قادِرةً على الاستِماع لما قيلَ بعدَ هذا، لأولِ مرّةٍ تلامِسُ نفسي أحلامُ اليقظَة، 
حلمٌ جميلٌ ويتحقق.. كنبتةٍ جافّةٍ تُسقى بألذِ الماءِ ( مع أنّها لا تشعرُ بطعمهِ ) بعدَ أيامٍ من العطش ..

كوالدةٍ تبحثُ عن وجهِ طفلها بين الحشودِ و لاتجدهُ فيسقطُ قلبها و تتعلّقُ أمنياتها كلها
هباءً في لاوجود من الخوفِ إلى أن تلتفتَ على هدير صوتهِ ينادي باسمها غيرِ
المعرّفِ " ماما" فتتفضُ وجنتاها وتمتلىء بالدموع ..

بكيتُ نعم.. بكيت؛ وتشبثتُ بالصوتِ أتتبعهُ على الهاتِف..نظرتُ إلى الساعةِ أوّد
بجموحٍ أن أدوّنَ تاريخ و وقتَ هذهِ اللحظَة، أرى فراشاتٍ زرقاءَ تؤخرني عن
الوصولِ إلى أقربِ قلمٍ و ورقة ..كتبتُ ما حصلَ بخطٍ مرتجِف .. 
وعدتُ للصوتِ لا أطيقُ غيابَهُ،

يا إلهي أنا استطيعُ التنفُس من جديد، و تستطيعُ شفاهي الإنحناءَ بكل ما تملكُ من قوّة
.. لقد استعدتُ رؤيتي، لقد عشتُ على أنقاضِ ذكرياتٍ ليالٍ طويلة؛ لكن هذهِ الليلة
سأنامُ طويلاً !


و تهتُ بين فرحتي بالصوتِ و بإمكانيّة النومِ و بالورقةِ  وباللحظاتِ التي بدت تلمَع !
رضيتُ على الورقةِ جداً، لدرجةِ أني جعلتها تنامُ معي تحتَ الوسادة .. و هذا لن
يكفي لمكافئتها، لقد سمحت لي بتدوينِ كلمةٍ عنت لي الدُنيا وما فيها !


و بتُ أتسآئلُ من أينَ ينبُع كُل الحِرص لدينا على تأريخِ كل شيءٍ جميل ؟
ربما لأننا نتمنى أن يحدثَ معنا مرةً أخرى ونقارِنَ بين كلا التاريخَين ؟
وربما لأن روحنا توقِنُ بأنَ ذلك الذي دوّن لن يتكرر مرّةً أخرى !

ليست هناك تعليقات: